قم للمعلم
قُــمْ لـلمعلّمِ وَفِّـهِ الـتبجيلا * كـادَ الـمعلّمُ أن يـكونَ رسولا
لأعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي * يـبني ويـنشئُ أنـفساً وعقولا؟
سـبـحانكَ اللهمَّ خـيـرُ مـعلّمٍ * عـلَّمتَ بـالقلمِ الـقرونَ الأولى
أخـرجتَ هذا العقلَ من ظلماتهِ * وهـديتَهُ الـنورَ الـمبينَ سبيلا
أرسـلتَ بالتوراةِ موسى مرشداً * وابـنَ الـبتولِ فـعلّمَ الإنـجيلا
وفـجّرتَ يـنبوعَ البيانِ محمّداً * فـسقى الـحديثَ وناولَ التنزيلا
إنَّ الـذي خـلقَ الـحقيقةَ علقماً * لـم يُـخلِ من أهلِ الحقيقةِ جيلا
أوَ كلُّ من حامى عن الحقِّ افتنى * عـندَ الـسَّوادِ ضغائناً وذحولا؟
لـو كنتُ أعتقدُ الصليبَ وخطبَه * لأقـمتُ من صلبِ المسيحِ دليلا
تـجدُ الـذين بنى "المسلّةَ" جدُّهم * لا يُـحسنونَ لإبـرةٍ تـشكيلا!
الـجهلُ لا تـحيا عـليهِ جماعةٌ * كـيفَ الحياةُ على يديّ عزريلا؟
ربُّوا على الإنصافِ فتيانَ الحِمى * تـجدوهمُ كـهفَ الحقوقِ كهولا
فـهوَ الـذي يبني الطباعَ قويمةً * وهـوَ الذي يبني النفوسَ عُدولا
وإذا الـمعلّمُ لم يكنْ عدلاً، مشى * روحُ الـعدالةِ في الشبابِ ضئيلا
وإذا أتى الإرشادُ من سببِ الهوى * ومـن الـغرورِ، فسَمِّهِ التضليلا
وإذا أصـيبَ الـقومُ في أخلاقِهمْ * فـأقمْ عـليهم مـأتماً وعـويلا
وإذا الـنساءُ نـشأنَ فـي أُمّيَّةٍ * رضـعَ الـرجالُ جهالةً وخمولا
لـيسَ اليتيمُ من انتهى أبواهُ من * هــمِّ الـحياةِ، وخـلّفاهُ ذلـيلا
إنَّ الـيتيمَ هـوَ الـذي تلقى بهِ * أمّـاً تـخلّتْ أو أبَـاً مـشغولا
الشاعر : احمد شوقي